المجوهرات الأمازيغية: تراث عريق يتجدد بإبداع عصري
تُعتبر المجوهرات الأمازيغية نافذة على عالم غني من الرموز والعلامات التي تعكس الانتماء القبلي والجوانب الإنسانية والروحانية. تجسد هذه المجوهرات حاجة الإنسان لاستدعاء القوى الخارقة لتجاوز المخاوف، بلغة تفهمها جميع الحضارات القديمة.
تحدثت العديد من قصص المسافرين عن مدى انبهارهم بالمجوهرات الأمازيغية، التي لطالما شكلت مصدر إلهام لهم. تبرز جماليات القلائد الكبيرة والخلالات وأخرى من زينة الرأس من خلال تداخل الفضة المزخرفة واللؤلؤ والمرجان والفيروز، إضافة إلى قطع النقود القديمة وأصداف البحر.
في الماضي، كانت المجوهرات الأمازيغية تمثل كل ما تملكه المرأة، وكانت ملاذها في الأوقات الصعبة. لم تكن المرأة تتخلى عنها أبدًا، بل كانت تتزين بها أثناء أداء أعمالها، مما يمنحها مظهراً ملكياً. ومع تطور الأزياء واختفاء الملابس التقليدية الثقيلة، تراجعت المجوهرات الكبيرة التي كانت تُرتدى يومياً، وتم تحديث تصميماتها لتواكب الذوق العصري. تُحفظ المجوهرات القديمة الآن في متاحف حول العالم، ويعمل العديد من المؤسسات وعشاق التحف على الحفاظ عليها في المغرب وفي بيئة ملائمة، نظرًا لقيمتها التراثية الكبيرة.
الخلالة: رمز المجوهرات الأمازيغية
لا يمكن فصل الخلالة عن الملابس النسائية والرجالية، فقد عرفت تاريخيًا في آسيا وأوروبا، ولكنها اتخذت مسارًا فريدًا في المغرب. على مر السنين، تطورت الخلالة من كونها مجرد قطعة نفعية إلى جوهرة راقية وقطعة مجوهرات ثمينة. بفضل عبقرية الحرفيين المغاربة، تمت إعادة صياغة وتطوير الرموز الدينية القديمة، مثل القوطية والفينيقية، لتصبح جزءًا من التراث الأمازيغي الثري.
تتمتع الخلالة برمزية عميقة، فهي ليست مجرد زينة، بل علامة تحدد الانتماء القبلي، وتعتبر أيضًا وسيلة لحماية النساء من العين الشريرة وضمان خصوبتهن. في الوقت الحاضر، اختفت الخلالات الفضية الكبيرة، المعروفة بالأمازيغية بـ “تزرزايت” أو “تسكنيست”، من زينة النساء اليومية، لكنها لا تزال موجودة في متاجر التحف والمتاحف. اليوم، تم تصميم الخلالة بأشكال عصرية من الذهب والفضة، على شكل دبابيس مزخرفة، لتظل رمزًا للأنوثة وجوهرة تعكس أصالة التراث الأمازيغي.